أخر المقالات

مقال ادبي في شعر الغزل العذري -الاولى ثانوي

 اولى ثانوي: نموذج فرض عادي عدد 1 مقال ادبي شعر الغزل العذري



الموضوع

يعشق الشاعر العذري حبيبته فيصف جمالها وصفا عذريا مراعيا سلطة المجتمع البدوي.

توسع في تحليل هذا القول مستندا إلى امثلة واضحة مما درست من شعر جميل بن معمر.


التحرير

العشق العذري يُعد واحداً من أبرز الظواهر الأدبية في الشعر العربي

حيث يتخذ الحب شكلاً روحياً بعيداً عن النزعات الجسدية. عاش

شعراء العشق العذري في ظل مجتمع تحكمه تقاليد صارمة وأعراف

، وهو ما أثر بشكل كبير في تكوين هذا النمط الشعري المتميز.محافظةمن بين هؤلاء الشعراء يبرز جميل بن معمر الذي جسد في قصائدهأ جمل معاني الحب النقي والطاهر تجاه حبيبته بثينة. في هذا السياق، يتناول جميل في أشعاره وصف حبيبته بأسلوب روحاني عفيف، معبراًعن حبه بطريقة تجنبت الوصف الجسدي المادي واكتفت بالتركيز علىا لجمال الروحي.

الإشكالية : كيف يمكن للشاعر العذري مثل جميل بن معمر، أن يعبر عنم شاعر الحب العميق دون انتهاك الأعراف المجتمعية الصارمة التيت منع الاقتراب الجسدي؟ وكيف يمكن أن يتجلى هذا النوع من الحبا لروحي في شعره ليصبح نموذجا يحتذى به في الأدب العربي؟

في شعر جميل بن معمر، يظهر الجمال الأنثوي بوصفه جمالاً طاهراً

ونقياً، يتجاوز حدود الرغبة الجسدية ليركز على الروح والقيم السامية.

فالعشق العذري عند جميل ليس عشقًا للحواس، وإنما هو تجربة

روحانية يغوص فيها الشاعر ليعبر عن حبه بطرق عفيفة ومهذبة. الحبا لعذري عند جميل يُبعد الجسد عن المعادلة تماماً ويستحضر جمالار وحانيا للحبيبة في أحد أبياته الشهيرة، يقول جميل: " أمر الديار ديارب ثينة، أقبل ذا الجدار وذا الجدارا، وما حب الديار شغفن قلبي، ولكنح ب من سكن الديارا في هذا البيت يتجلّى الوصف العذري للجمال حيث لا يُركز جميل على ملامح بثينة المادية أو الجسدية، بل علىا رتباطه الروحي بالمكان الذي كانت تقيم فيه. يعبر جميل عن حبه من خلال احتفائه بالديار التي مرّت فيها بثينة، مشيراً إلى أن ما يجذبه ليس المادة بل الروح التي تسكن تلك الأماكن.

من السمات البارزة في العشق العذري هو خضوعه التام لسلطة

المجتمع التقليدي الذي يفرض قيودًا صارمة على العلاقة بين الرجل

والمرأة. يتميز المجتمع التقليدي بتمسكه بالقيم والأعراف، حيث ينظرإ لى الحب بمفهومه المادي كتهديد للانسجام الاجتماعي والأخلاقي ومن ثم، يجد العاشق العذري نفسه محاظا بجدران غير مرئية تمنعه

من الاقتراب من الحبيبة جسديًا، ولكنه يقبل بهذه القيود عن طواعيةو يحترمها، لأن حبه يتجاوز الرغبات الجسدية ويصل إلى مستوى أسمى من التواصل الروحي في هذا السياق، نجد جميلا يقول: " ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشق، ولكن عزيز العاشقين ذليل. في هذا البيت، يعترف جميل أن حبه هو الذي جعله يعيش في حالة من الذل والحرمان، لكن هذا الذل ليس ماديًا أو جسديًا، بل هو نتيجة خضوعه لقيود المجتمع الذي يمنع أي علاقة مادية مع الحبيبة. الحب هنا مرتبط بالقيم الأخلاقية للمجتمع، ويظل العاشق العذري يحترم هذه القيم حتى وإن كان ذلك على حساب رغباته الشخصية.

رغم ما يتميز به العشق العذري من نقاء، إلا أن هذا النوع من الحب

يعاني من صراع داخلي دائم. الشاعر العذري يجد نفسه ممزقا بين حب عميق لا يستطيع التخلي عنه وبين مجتمع يفرض عليه قيودا صارمة.

هذا الصراع ينتج عنه حالة من المعاناة النفسية المستمرة، حيث يدرك العاشق أن حبه لن يتحقق أبدًا على المستوى المادي، لكنه يجد في الحفاظ على هذا الحب والالتزام بالأعراف نوعا من الفخر والوفاء.

يقول جميل في إحدى قصائده: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة، بواد

وحولي إذخر وجليل. في هذا البيت يعبر جميل عن ألمه العميق من

الفراق والحرمان، حيث يتمنى قضاء ليلة واحدة بجوار بثينة في مكان بعيد عن أعين المجتمع. هذا التمني لا يشير إلى رغبة جسدية، وإنما هو تعبير عن الحنين إلى القرب الروحي من الحبيبة، بعيدا عن القيود الاجتماعية التي تفصل بينهما.

رغم أن الحب العذري يعبر عن مشاعر شديدة القوة، إلا أن طابعه

العفيف يجعله نوعا من العبادة الروحية الشاعر العذري يعشق

محبوبته لدرجة التقديس لكنها تبقى دائما بعيدة عن متناول يديه.

بهذا المعنى، يصبح الحب العذري نوعًا من الإخلاص التام، حيث يكزس  الشاعر حياته بأكملها لهذا الحب، ويرفض الزواج أو الانخراط في أي علاقة جسدية مع أي امرأة أخرى. يقول جميل: " إذا قلث ما بي يا بثينة قاتلي من الحب قالت ثابت ويزيدُ في هذا البيت، يتحدث جميل عن قوة حنه لبثينة، والتي تتزايد مع مرور الوقت هذا الحب يبقى ثابتا وعفيفًا، يتجاوز كل مغريات الحياة المادية، ليصبح قوة روحية تتنام باستمرار.

من خلال التزام جميل بالحب العذري، يمكن أن نرى رفضًا ضمنيا

للظروف الاجتماعية التي كانت تمنع المحبين من الزواج لأسباب طبقية أو عشائرية. المجتمع التقليدي كان يفرض قواعد صارمة على الزواج والعلاقات، ما جعل كثيرًا من الشعراء العذريين يعبرون عن حبهم من خلال الشعر فقط. الحب العذري بهذا المعنى يصبح نوعا من المقاومةضد قسوة الواقع الاجتماعي.

إن العشق العذري في شعر جميل بن معمر ليس مجرد حب بين رجل

وامرأة، بل هو تجربة روحية وإنسانية عميقة تعكس التزاما بالأعراف

الاجتماعية، وفي الوقت نفسه، ثمثل صراعًا داخليا بين العاشق

والمجتمع. هذا النوع من الحب يتسم بالنقاء والتقديس، حيث يضع

الحبيب حبيبته في مقام سام يتجاوز كل مغريات الحياة المادية

ويظل العشق العذري شاهدًا على سمو الحب الروحي في مواجهة قيودا لواقع الاجتماعي.



روافد تربوية
بواسطة : روافد تربوية
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -